يعرف العالم اليوم توسعا غير مسبوق من حيث عدد الشركات الموجودة و حجمها ، حيث وصلت بعض الشركات اليوم لأرقام مذهلة ، و تعتبر آبل أكبر شركة حاليا و أعلاها قيمة في البورصة برقم يفوق بليون دولار ، تليها آمازون في المرتبة الثانية .
لكن هذه الأرقام كلها قابلة للتغيير سواء للأعلى أو الأسفل حسب ما يحدث في العالم ، فعلى سبيل المثال أسهم فيسبوك عرفضت إنخفاضا كبيرا في القيمة بعض الفضائح التي مرت عليها في الفترات السابقة .
عرف العالم منذ فترات تعود للقرون الوسطى ظهور شركات كبرى و إختفاءها بعد فترات محددة ، و هو ما لا يزال يحدث الآن فقيمة مايكروسوفت عام 2010 على سبيل المثال كانت الأكبر في العالم و هي أقل قليلا الآن ، كذلك شركة النفط الامريكية Standard Oil كانت بقيمة تفوق البليون دولار ، إلا أن تم حلها من طرف الحكومة الأمريكية .
يطرح ذلك سؤالا في الأذهان : على مر التاريخ ، ما هي أكبر شركة قيمة و لأين وصلت قيمتها ؟
أجمع الخبراء و المحللون أن أكبر شركة في تاريخ العالم هي شركة Dutch East India التي وصلت قيمتها في أحد المراحل ل 7.9 بليون دولار ( القيمة تقريبية باحتساب التضخم و قيمة العملات حينها ) !
الشركة ساهمت في تشكيل العالم كما نعرفه اليوم بشكل كبير جغرافيا و إقتصاديا و كانت السبب في ظهور العديد من الأفكار التي تستخدم بشكل كبير اليوم .

تأسست شركة Dutch East India في مرحلة كانت فيها هولندا محتلة من طرف إسبانيا ، و كان سبب التأسيس إستيراد التوابل من الهند و آسيا و بيعها من أجل تمويل إستقلال البلاد ( التوابل كانت عالية القيمة حينها ) .
الشركة لم تكن ملكا للدولة و لم تملك الكثير من المال ، مما دفعها لطرح أسهمها للبيع في أمستردام من أجل تمويل رحلاتها ، لتكون بذلك أول شركة عمومية في التاريخ ، و تكون بورصة أمستردام الأولى كذلك .
عرفت الشركة توسعا كبيرا بعد ذلك حتى أصبحت تملك جيشها الخاص و مستعمراتها الخاصة ، و أصبحت توقع المعاهدات و الإتفاقيات مع الدول .
ساهمت شركة Dutch East India في إكتشاف و تأسيس العديد من المناطق و المدن ، فعلى سبيل المثال مدينة CapeTown في جنوب إفريقيا بدأت كمكان إستراحة لعمال الشركة ، بالإضافة لأستراليا و نيوزلندا اللتين تم إكتشافهما في الحقيقة من طرف بحارة الشركة الهولندية .
عرفت الشركة بعد ذلك مراحل ضعف بسبب الحروب الكثيرة ، إلى أن إستحوذت عليها الحكومة الهولندية .
الشركة الهولندية العظيمة كانت أكبر شركة في تاريخ العالم و إرثها سيبقى للأبد ، لكنها برهان آخر على أن دوام الحال من المحال و أن كل الشركات العظيمة اليوم ستندثر يوما ما لتحل محلها شركات أخرى في المستقبل .